بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .
فإن الأولاد هم زهرة الحياة الدنيا وفي صلاحهم قرة عين للوالدين .
وإن من المؤسف خلو مساجدنا من أبناء المسلمين ، فقل أن تجد بين المصلين
من هم في ريعان الشباب ! وهذا والله ينذر بشر مستطير وفساد في التربية وضعف
لأمة الإسلام إذا شب هؤلاء المتخلفون عن الطوق ، وإذا لم يصلوا اليوم فمتى إذاً يقيموا
الصلاة مع جماعة المسلمين ، ولما كان الإثم الأكبر والمسؤولية العظمى على الوالدين
فإني أذكر نفسي وأرباب الأسر بقوله تعالى : (( يا أيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم
وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم
ويفعلون ما يؤمرون )) ، وقوله تعالى : (( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك
رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى )) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (( كلكم راع
ومسؤول عن رعيته ، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته ... )) متفق عليه . وفي
حديث صريح واضح من نبي هذه الأمة للآباء والأمهات(مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء
سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين )) رواه أحمد ، وفي هذا التوجيه
النبوي الكريم من حسن التدرج واللطف بالصغير الشيء الكثير ، فهو يدعى إلى الصلاة
وهو ابن سبع سنين ولا يضرب عليها إلا عند العاشرة من عمره ، ويكون خلال فترة الثلاث
سنوات هذه قد نودي إلى الصلاة وحببت إليه أكثر من خمسة آلاف مرة ، فمن واظب عليها
خلال ثلاث سنوات بشكل متواصل هل يحتاج أن يضرب ! ؟ قل َّ أن تجد من الآباء من طبق
هذا الحديث واحتاج إلى الضرب بعد العاشرة. فإن مجموع الصلوات كبير واعتياد الصغير
للصلاة وللمسجد جرى في دمه وأصبح جزءاً من جدوله ومن أعظم أعماله ! والكثير اليوم
يضرب الابن لكن على أمور تافهة لا ترقى إلى أهمية الصلاة ومن تأمل حال صلاة
الفجر ومن يحضرها من الأولاد ليحزن على أمة الإسلام وندر أن تجد في المساجد هؤلاء
الفتية الذين كان لأمثالهم شأن في صدر الأمة . فأين الآباء وأين الأمهات من إيقاظ
أبنائهم للصلاة وحرصهم على ذلك ، فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بت
عند خالتي ميمونة ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أمسى فقال : (( أصلى
الغلام )) قالوا : نعم . رواه أبو داود ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : يعلم الصبي
الصلاة إذا عرف يمينه من شماله ، وكان السلف الصالح يلاحظون أبناءهم في الصلاة
ويسألونهم عنها . ومن أعظم ما يسديه الأب الموفق لابنه اصطحابه للصلاة معه وجعله
بجواره ليتعلم منه وليحافظ عليه من كثرة اللغط والعبث .
أيها الأب وأيتها الأم . . لا يخرج من تحت أيديكم غداً من لا يصلي فتأثمان بإخراجه إلى
أمة الإسلام وذلك بالتفريط والرحمة المنكوسة . فتخافان عليه من البرد ولا توقظانه
لصلاة الفجر ، وتخافان عليه من شدة الحر ولا يذهب ليصلي العصر ! (( قل نار جهنم
أشد حراً لو كانوا يفقهون )) .
إن في الحرص على إقامة صلاة الأبناء في المسجد فوائد عظيمة منها :
1- براءة ذممكم أمام الله عز وجل والخروج من الإثم بعد تحبيبه للصلاة وأمره بها .
2- احتساب أجر تعويده على العبادة .
3- استشعار أن الابن في حفظ الله عز وجل ورعايته طوال ذلك اليوم .
4- خروج الابن إذا شب أو كبر عن دائرة الكفار والمنافقين .
5- تنشئة الابن على الخير والصلاح ليكون لكما ذخراً بعد موتكما .
ومن الأسباب المعينة على ذلك :
1- أن تكون لهم أيها الأب قدوة صالحة في المحافظة على الصلاة والحرص عليها .
2- تقديم أمر الآخرة على أمر الدنيا في كل شيء وتنشئة الصغار على ذلك .
3- الصبر والمصابرة وتوفير الأسباب المعينة لأداء الصلاة .
4- بث في أبنائك أحاديث الصلاة وحكم تاركها وعقوبته ، ورغبهم في الأجر العظيم لمن
حافظ عليها .
5- اجعل لهم الحوافز والجوائز حتى يحافظوا على الصلاة .
6- الدعاء لهم في كل وقت مع ربطهم بالصحبة الطيبة .
أصلح الله أزواجنا وذرياتنا وجعلنا وإياهم من الفائزين ، آمين يا رب العالمين ، وآخر
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين .